عندما تذهب بهجة الشباب بعيدًا، وتتوالي بعدها مرارة وأوجاع الذكريات؛ من فقد غالٍ، أو نقص في قدرة، أو رحيل الأحباب، أو فتور علاقات. عندما يتراجع حماسك وأداؤك ومجهودك وتخرج لطابور المعاشات، عندما تتضاءل أمامك كل المسميات، عندما تتبدل حيوية الشباب وكثرة الرفقاء ويتباعد وينشغل عنك الأبناء وتتناقص حميمية الأصدقاء والأقرباء.
لمَ لا ننتبه قبل أن يذهب ذلك سريعا؟
لمَ لا ندخر لهذا الموقف الوقت والمال؟
لمَ لا نستقرئ العظات ونستلهم الرؤى في أن نكرم أنفسنا بأنفسنا في أوقات ضعفنا واحتياجنا؟
لمَ لا نشجع بعضنا البعض في أن ننشئ نوادي أو دور للونس وذلك للاحتفاظ بكرامة وسمو نفس كانت مانحة عما قريب، واحترام تاريخ عظمائنا ممن ليس لديهم من يرعى شئونهم أو يرافقهم لسبب أو لآخر؟
الفكرة قائمة على أن ننتبه جميعًا ونحن في عنفوان الشباب ونتذكر بأن لحظاتنا السعيدة البهية ستمر كلمح البصر، لذلك وجب علينا أن نتهيأ للقادم ونعزز أنفسنا ونجعل ما تبقى من أعمارنا يمر في استقرار وهناء.
لذا أتمنى أن يقوم كل قطاع أو نقابة أو مجموعة ممثلة عن مهنة أو حرفة أو فئة بإنشاء نادٍ أو دار لمن أوفوا وأجزلوا العطاء، وأن تتم هذه المساهمة والإنشاء وكل منهم في أوج نشاطه ونجاحه واستقرار قدرته المالية.
بذلك، ستكون المساهمة بتكلفة زهيدة بالمقارنة للدخل الذي سيحصل عليه أي فرد في المجموعة المشاركة في بناء دار أو نادٍ يراعي أعضاء نفس النشاط، وستبني هذه الدور والنوادي جسر أمان وثقة بأن هؤلاء العظماء لم ينساهم المحبون، وتصبح جزءًا من سلسلة التكافل الاجتماعي والنفسي والمادي تتعاقب عبر جيل بعد جيل.
الاستفادة بتفعيل قانون حقوق المسنين الذي تم إقراره والذي يتضمن رعايتهم وكفالة تمتعهم بكافة الحقوق وتوفير الحماية اللازمة لهم وتعزيز كرامتهم وتوفير حياة كريمة لهم وأخيرًا خدمة توفير مرافق للمسن بالتعاون مع الجمعيات المعنية بالعمل الأهلي بالتنسيق مع الجهات المسئولة بالدولة عن ذلك.
إنه حلم وددت أن أسجله، وأتمنى الدعم الكامل له من كل فرق العمل المختلفة وأن يصبح لقاماتنا الكبيرة وخبراء وشيوخ كل مهنة أو نقابة أو حرفة مكانهم وملاذهم الآمن في التفريج عن الهموم والكربات، وأن تكون مسئولية الشباب هو المتابعة والمداومة على الزيارات والمساهمات تحسبا وتأهبا لهذه اللحظة الآتية لا محالة.
كاتبة المقال .. إعلامية و مدير عام مساعد بقطاع البترول و عضو الاتحاد العربي للعمل الإنساني والتنمية المستدامة التابع لجامعة الدول العربية و سفيرة المناخ
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق